Page 112 - web
P. 112

‫مقالات وأراء‬

‫ضرورة اتباع نهج جديد لعصرنة العمل العربي‬           ‫المناخية؛ لما لها من انعكاسات وخيمة على الأمن‬         ‫مواقفه الدولية فإنه يسهر على احترام مبادئ‬
‫المشترك لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة‪ ،‬وهو ما‬   ‫القومي واستقرار الدول وعلى مستوى التنمية‬              ‫المجتمع الدولي الواردة في العديد الاتفاقيات‬
‫ت ّم تأكيده صراحة في المحور الثالث من الإعلان تحت‬  ‫فيها‪ ،‬وهو اهتمام كرسته خطة الأمم المتحدة‬              ‫الدولية‪ ،‬وهذا تعزيز للأمن الدولي‪ ،‬وصيانة للسلام‬
‫عنوان «تعزيز وعصرنة العمل العربي المشترك»‪،‬‬                                                               ‫في العالم‪ ،‬وإنماء للعلاقات الدولية والتعاون بين‬
‫حيث يعد هد ًفا مشتر ًكا يصب في مسعى الرقي به‬                              ‫للتنمية المستدامة ‪.2030‬‬        ‫الدول‪ ،‬ولعل من المبادئ التي أكدها المشاركون‬
‫إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعوب العربية‪،‬‬           ‫ولعل الاهتمام بآثار التغيرات المناخية بدا متزاي ًدا‬   ‫في القمة العربية ونص عليها الإعلان في أكثر من‬
‫وهو نهج يؤازر الأطر التقليدية ليضع في صلب‬          ‫في ظل الأزمة الحالية التي تهدد الأمن الغذائي في‬       ‫موقع‪ ،‬مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية‬
‫أولوياته هموم وانشغالات المواطن العربي‪ ،‬كما‬        ‫العالم؛ لكون التغير المناخي وش ّح المياه من شأنه‬      ‫للدول‪ ،‬الذي تقوم على أساسه علاقات المجموعة‬
                                                   ‫التعميق أكثر لأزمة الغذاء والماء؛ ما يستدعي رفع‬
                       ‫ورد في نص ذات الوثيقة‪.‬‬      ‫مستوى التكاتف والتعاون لإيجاد الحلول الملائمة‬                             ‫الدولية مع المجتمع الدولي‪.‬‬
                                                   ‫لمسايرة الأوضاع والتوصل إلى التكامل الاقتصادي‬         ‫وكانت قد سمحت الدورة للمشاركين‪ ،‬بتوضيح‬
‫التكامل الاقتصادي العربي من مقومات‬                 ‫العربي المنشود‪ ،‬مقارن ًة بما تزخر به المنطقة العربية‬  ‫الرؤى وتأكيدها تجاه المجتمع الدولي‪ ،‬وهذا‬
                           ‫الأمن القومي‬            ‫على تنوعها من قدرات بشرية ومادية وثروات‬               ‫بتجديد تأكيد ضرورة بناء علاقات سليمة ومتوازنة‬
                                                                                                         ‫بين المجموعة العربية والمجتمع الدولي‪ ،‬بما فيه‬
‫من المعلوم أن تمويل أي مشروع أمني يتطلب‬                                                  ‫متنوعة‪.‬‬         ‫محيطها الإسلامي والإفريقي والأورو‪ -‬متوسطي‪،‬‬
‫قدرات مالية معتبرة‪ ،‬ولا يتأتى ذلك إلا بالنهوض‬                                                            ‫على أساس احترام قواعد حسن الجوار والثقة‬
‫والتكامل الاقتصادي‪ ،‬ولهذا التكامل المنشود بعدان‬    ‫الوقاية من الأسلحة النووية وأسلحة‬                     ‫والتعاون المثمر‪ ،‬والالتزام المتبادل بالمبادئ المكرسة‬
‫أساسيان‪ ،‬البعد الأول اقتصادي لتعزيز التعاون‬                                  ‫الدمار الشامل‬               ‫في ميثاق الأمم المتحدة‪ ،‬وعلى رأسها احترام سيادة‬
‫الاقتصادي والتجاري وما يعودان به على التعاون‬                                                             ‫الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية‪ ،‬كما ت ّم‬
‫الاجتماعي والثقافي وغيرهما‪ ،‬والبعد الثاني سياسي‬    ‫وتعزي ًزا للأمن القومي العربي‪ ،‬تطرقت وثيقة إعلان‬      ‫تأكيد أهمية منتديات التعاون والشراكة التي تجمع‬
‫لتوفير الأمن والاستقرار والسلام‪ ،‬على هذا الأساس‬    ‫الجزائر إلى اهتمام الدول العربية بمسألة الوقاية‬       ‫جامعة الدول العربية بمختلف الشركاء الدوليين‬
‫أكد المشاركون في الدورة الالتزام بمضاعفة الجهود‬    ‫من انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل‬        ‫والإقليميين باعتبارها فضاءات مهمة للتشاور‬
‫لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي وفق‬          ‫في المنطقة العربية؛ حيث أكد المشاركون في الدورة‬       ‫السياسي‪ ،‬وم ّد جسور التواصل وبناء شراكات‬
‫رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقومات‬           ‫ضرورة إنشاء منطقة خالية من هذا النوع الفتاك‬
‫الاقتصادات العربية والفرص الثمينة التي تتيحها‪،‬‬     ‫من الأسلحة في الشرق الأوسط وف ًقا للمرجعيات‬                ‫متوازنة قائمة على الاحترام والنفع المتبادلين‪.‬‬
‫بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية‬   ‫المتفق عليها‪ ،‬ودعوة جميع الأطراف المعنية إلى‬                                        ‫التغيرات المناخية‬
‫الكبرى تمهي ًدا لإقامة الاتحاد الجمركي العربي‪،‬‬     ‫الانضمام وتنفيذ معاهدة عدم انتشار الأسلحة‬
‫وأي ًضا تعزيز القدرات العربية في مجال الاستجابة‬    ‫النووية لعام ‪ 1968‬التي تظل حجر الأساس للنظام‬          ‫كما تعد الآثار السلبية للتغيرات المناخية من‬
‫للتحديات المطروحة على الأمن الغذائي والصحي‬                                                               ‫المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي‪ ،‬على غرار‬
‫والطاقوي ومواجهة التغيرات المناخية‪ ،‬مع التنويه‬                     ‫الدولي لمنع انتشار هذه الأسلحة‪.‬‬       ‫باقي دول العالم‪ ،‬فقد أصبح تغير المناخ أحد أكبر‬
‫بضرورة تطوير آليات التعاون لهيكلة العمل العربي‬     ‫وللتذكير فإن هذه المسألة تعتبر منذ عقود من‬            ‫التحديات على الصعيد العالمي‪ ،‬ويستقطب بالغ‬
                                                   ‫اهتمامات دول المنطقة بالتعاون مع الوكالة‬              ‫اهتمام الأمم المتحدة ومختلف المنظمات المتخصصة‬
                    ‫مؤسسات ًّيا في هذه المجالات‪.‬‬   ‫الدولية للطاقة الذرية؛ حيث تعرف خلا ًفا‬               ‫والتكتلات الإقليمية والدول المتضررة منه‪ ،‬ومن‬
                                                   ‫حول جوهر وطرائق الاتفاق بشأن إنشاء منطقة‬              ‫هذه التكتلات الوطن العربي الذي تسهر دوله‬
‫إشراك المجتمع المدني في تعزيز الأمن القومي‬         ‫خالية من الأسلحة النووية بما في ذلك ما يخص‬            ‫على تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة‬
                                                   ‫الالتزامات المتعلقة بالضمانات الواجب اتخاذها‪،‬‬         ‫إلى ‪ ،2030‬وهذا وف ًقا لخصوصية الموقع الجغرافي‬
‫النظرة المعاصرة لنهضة الشعوب تقوم على‬              ‫ويتعزز موقف الدول العربية بالشرق الأوسط في‬
‫مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام‪ ،‬وعليه‬      ‫هذا الشأن بالمساندة من الدول الأعضاء في جامعة‬                                      ‫وقدرات كل دولة‪.‬‬
‫حث المشاركون على إطلاق حركية تفاعلية بين‬           ‫الدول العربية بهدف ضمان أمنها واستقرارها‪،‬‬             ‫وقد ث ّمن المشاركون في الدورة ‪ 31‬لمجلس جامعة‬
‫فعاليات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية‪ ،‬وفق‬                                                            ‫الدول العربية‪ ،‬من خلال مضمون الإعلان‪ ،‬الدور‬
‫خطة مدروسة تسمح بإقحامه في التوعية والإرشاد‬                       ‫وهذا ما أكدته أشغال دورتها ‪.31‬‬         ‫الذي تقوم به الدول العربية للإسهام الجاد في‬
‫للمجتمع العربي بهدف الإسهام في تعزيز العمل‬         ‫من أهم توصيات الدورة ‪ 31‬تدابير تعزيز الأمن‬            ‫مواجهة التغيرات المناخية كتح ٍد تواجهه البشرية‬
‫العربي المشترك‪ ،‬وتحصين المواطن العربي ضد ما‬                                                              ‫ويهددها‪ ،‬وتمت الإشادة في هذا الصدد بمبادرة‬
‫يهدد وحدة الوطن وأمنه‪ ،‬ويعمق لديه الوعي‬                           ‫القومي العربي المتمثلة في ما يلي‪:‬‬      ‫الشرق الأوسط الأخضر الرائدة التي أطلقتها‬
‫بمخاطر التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في‬            ‫اتباع نهج جديد لعصرنة العمل العربي المشترك‬          ‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬وهي حال ًّيا في طبعتها‬
                                                   ‫لمواكبة التطور الذي يشهده العالم في مختلف‬             ‫الثانية ‪ ،2022‬ويأتي هذا الاهتمام بمسألة التغيرات‬
               ‫الشؤون الداخلية لدولنا العربية‪.‬‬     ‫المجالات العلمية والصناعية والتكنولوجية‬
‫وقد تمت الإشارة في نص الإعلان إلى الرؤية‬           ‫والاتصال‪ ،‬بهدف تعزيز أمنها القومي‪ ،‬عبرت‬                                              ‫‪110‬‬
‫المستقبلية التي تضمنتها مقترحات رئيس الدورة‬        ‫الدول العربية عن حرصها الكبير خلال الدورة على‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117